أسعار النفط تصل إلى أعلى مستوياتها السنوية

أسعار النفط تصل إلى أعلى مستوياتها السنوية

ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ بداية العام، حيث تم تداول خام برنت عند 89 دولار للبرميل خلال تعاملات يوم الاثنين (4 سبتمبر)، وجاء ذلك مدفوعا بتوقعات خفض إنتاج منظمة الدول المصدرة للبترول.

ومن المتوقع أن تمدد السعودية خفضا طوعيا لإنتاج النفط قدره مليون برميل يوميا حتى أكتوبر، ومن شأن هذا القرار تمديد قيود العرض، وهو الإجراء الذي حددته منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، لتحفيز زيادة أسعار النفط، كما اتفقت روسيا وهي ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم مع شركاء أوبك على خفض صادراتها النفطية الشهر المقبل، حسبما أعلن نائب رئيس الوزراء “ألكسندر نوفاك”.

وتركز أسواق تداول النفط أيضًا على ما سيحدث مع الولايات المتحدة (أكبر مستهلك للنفط في العالم)، وسياساتها المتعلقة بأسعار الفائدة لبقية العام، كما يؤخذ في الاعتبار مؤشرات النشاط الاقتصادي من الصين (أكبر مستورد للنفط الخام في العالم)، ويتأثر هذا الأخير بالتباطؤ الاقتصادي وبيانات الاقتصاد الكلي الضعيفة، والتي لها تأثير هبوطي على أسعار النفط الخام والطلب عليه، ويتوقع السوق أن تعلن الصين عن سياسة التحفيز الاقتصادي.

في الوقت نفسه، من المتوقع أن يصل إعصار إداليا إلى فلوريدا بالولايات المتحدة الأسبوع المقبل، ويقدر المختصون أنه يمكن أن يكون له تأثير على العرض والطلب على الطاقة مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

وفي حين أنهى النفط الخام أغسطس مرتفعاً بنسبة 2.1% إلا أن التداول كان متقلباً، حيث تأرجحت الأسواق بين المخاوف بشأن قوة الاقتصاد الصيني والتفاؤل بشأن احتمال حدوث هبوط سلس للاقتصاد الأمريكي.

وعلى وجه الخصوص، أثارت البيانات الاقتصادية والائتمانية المخيبة للآمال الصادرة عن الصين مخاوف من أن يؤثر ضعف الاقتصاد الصيني على الطلب العالمي على النفط، ومن ناحية أخرى، ساعد انخفاض التضخم وبرودة سوق العمل في الولايات المتحدة على تعزيز الثقة في أن البنك الاحتياطي الفيدرالي قد يكون في نهاية دورة رفع أسعار الفائدة، وقد ساعد هذا، إلى جانب الانخفاضات الأعلى من المتوقع في مخزونات النفط الخام الأمريكية، في دفع أسعار النفط إلى الارتفاع.

توقعات باستمرار ارتفاع أسعار النفط

على الرغم من تراجع أسعار النفط مرة أخرى يوم الثلاثاء، إلا إنه من المرجح أن الارتفاع الأخير سيستمر لعدة أسباب:

1 .الطلب العالمي على النفط قد يصل إلى مستويات قياسية ومن المتوقع أن يتوسع أكثر:

وفقًا لوكالة الطاقة الدولية (IEA)، أدى السفر الجوي القوي في الصيف إلى جانب زيادة استخدام النفط في توليد الطاقة إلى دفع الاستهلاك العالمي للنفط إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، وبلغ الطلب على النفط في شهر يونيو إلى 103 ملايين برميل يوميا ومن المتوقع أن يرتفع أكثر خلل الأشهر القادمة، وعلى الرغم من الإشارات الاقتصادية الضعيفة الأخيرة، فقد سجل الطلب الصيني مستويات مرتفعة جديدة وسط ارتفاع نشاط البتروكيماويات.

بشكل عام، تقدر وكالة الطاقة الدولية أن ينمو الطلب على النفط إلى حوالي 102.2 مليون برميل يوميًا لهذا العام وهو أعلى مستوى سنوي له على الإطلاق، حيث تمثل الصين أكثر من 70% من الزيادة.

2 .تخفيضات أوبك بلس ستؤدي إلى إبقاء إمدادات النفط محدودة:

أدت التخفيضات الطوعية لأوبك بلس بقيادة المملكة العربية السعودية إلى إبقاء أسواق النفط تعاني من نقص المعروض خلال الأشهر الأربعة الماضية، وانخفضت إمدادات النفط العالمية بمقدار 910 آلاف برميل يوميًا إلى 100.9 مليون برميل يوميًا في يوليو، بسبب الانخفاض الكبير في إنتاج النفط الخام السعودي.

وصلت صادرات النفط الخام السعودية إلى أدنى مستوى لها منذ 28 شهر، ومن المقرر أن تمدد البلاد خفضها الطوعي للإمدادات بمقدار مليون برميل يوميًا حتى أكتوبر، وفي الوقت نفسه، أشار نائب رئيس الوزراء الروسي أيضًا إلى اتفاق جديد لمنظمة أوبك لخفض صادرات النفط الروسية.

ومع القيود المفروضة على الإنتاج من قبل المملكة العربية السعودية وروسيا، من المتوقع أن تعاني أسواق النفط العالمية من نقص في المعروض بنحو 2 مليون برميل يوميًا في أغسطس وبأكثر من 1.5 مليون برميل يوميًا في سبتمبر.

3 .انخفاض المخزونات يدعم أسعار النفط:

انخفضت مخزونات النفط المسجلة عالميًا بمقدار 17.3 مليون برميل في يونيو، مدفوعة بانخفاضات في مخزونات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وفي الولايات المتحدة شهدت مخزونات النفط الخام أيضًا سحبًا أسرع من المتوقع مما يشير إلى التحدي العام المتمثل في مواكبة الطلب المتزايد.

وتضطر مصافي النفط الآسيوية والأوروبية بشكل متزايد إلى إيجاد براميل بديلة من المنتجين من خارج أوبك بلس وسط تخفيضات الإمدادات من أوبك بلس، وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن مخزونات النفط قد تنخفض بمقدار 2.2 مليون برميل يوميًا في الربع الثالث و1.2 مليون برميل يوميًا في الربع الرابع إذا حافظت أوبك بلس على أهداف الإنتاج الحالية، وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط.

لذلك، في حين ارتفعت أسعار النفط مؤخرًا، يبدو من المرجح أن تظل أسواق النفط في حالة عجز خلال الأشهر المقبلة، وما زلنا نرى مجالًا لارتفاع أسعار النفط الخام بشكل أكبر.

أوبك تتحدث عن “طلب قوي” على النفط بحلول 2024 وترفع توقعاتها للنمو الاقتصادي

تتوقع منظمة أوبك بلس بطلب قوي على النفط بحلول 2024، وتأتي النظرة المتفائلة من منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في وقت وصلت فيه أسعار النفط العالمية إلى أعلى مستوى لها منذ يناير، حيث أدى نقص الإمدادات إلى زيادة ارتفاع الأسعار، كما أظهر تقرير أوبك الشهري أيضا أن السعودية أوفت بخفض إنتاجها الطوعي في يوليو.

وقالت أوبك إنها تتوقع ارتفاع الطلب العالمي على النفط بمقدار 2.25 مليون برميل يوميا في 2024، ارتفاعا من نمو قدره 2.44 مليون برميل يوميا في 2023، ولم تتغير التوقعات منذ الشهر الماضي.

وبدأت أوبك وحلفاؤها، المعروفون باسم أوبك بلس في الحد من الإمدادات في نهاية عام 2022 لدعم السوق ومددت في يونيو التخفيضات حتى عام 2024، وأدى انخفاض العرض إلى ارتفاع أسعار النفط، حيث تجاوز خام برنت 89 دولار للبرميل يوم الاثنين وهو أعلى مستوى منذ يناير.

ورفع التقرير توقعات أوبك لنمو الاقتصاد العالمي هذا العام إلى 2.7 % من 2.6%  ورفع رقم العام المقبل بنفس الزيادة إلى 2.6%، قائلا إن النمو في الولايات المتحدة والبرازيل وروسيا فاق التوقعات الأولية في النصف الأول لعام 2023.

التحديات التي تواجه الصناعة

وتواجه أوبك بلس قدرا كبيرا من عدم اليقين بشأن تطور الطلب العالمي على النفط، بسبب أداء الاقتصادات المتقدمة، حيث كان التعافي في الصين أضعف إلى حد ما من المتوقع، ولابد أن نضيف إلى ذلك الركود الذي تعيشه بعض الاقتصادات القوية في أوروبا مثل ألمانيا والمملكة المتحدة، وتثير هذه العوامل الشكوك حول ما إذا كانت مثل هذه التخفيضات في الإنتاج قد تعيدنا إلى حالة من الأسعار الخانقة مثل تلك التي شهدناها في عام 2022، أو ما إذا كنا سنواجه زيادات معتدلة في الأسعار كما هو متوقع.

ومع ذلك، لا يزال هناك ثقل موازن للتأثير الجيوسياسي للتوترات التي ولدتها الحرب الروسية الأوكرانية منذ فبراير 2022، والتي كان لها تأثير على استقرار سوق الطاقة العالمية وأسعار السوق.