ما هي المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي وما مدى إلزاميتها

ما هي المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي وما مدى إلزاميتها

ما هي المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي وما مدى إلزاميتها، هذه المذكرة التي أثارت الجدل لسنوات طويلة بين فريقين من فقهاء التشريع في الكويت رأى الأول فيهما أن المذكرة الدستورية ملزمة شأنها في ذلك شأن الدستور الكويتي، فيما رأى الفريق الأخرى أنها مذكرة تفسيرية تقليدية، وأنها غير ملزمة، ويناقش موقع ويكي الكويت في المقال التالي حجج وأسانيد كل من الطرفين، مرورًا بعرض مراحل إصدار المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي.

ما هي المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي

المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي هي مذكرة قانونية يتم من خلالها تفسير وإيضاح دلالات النصوص والعبارات الواردة في مواد الدستور وحقيقة قصد المشرع منها، وهي لا تضيف أحكامًا جديدةً إلى الدستور، كما أنها لا تقوم بتعديل أحكام متضمنة فيه، إنما تقوم بشرح الألفاظ المرنة التي تحتمل التأويلات، والتي قد تؤدي إلى ظهور خلاف أثناء الاحتكام إلى مواد الدستور، وعلى خلاف المذكرات التفسيرية للقوانين، والتي يترك تفسيرها للإداريين والفنيين التابعين للسلطة التنفيذية، فقد تم مناقشة المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي وإقرارها في عدة جلسات لمجلس الأمة الكويتي، ويختلف فقهاء التشريع في الكويت حول إلزامية هذه المذكرة، ولكل منهم أسانيده وحججه.[1]

مراحل وضع المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي

أبصرت المذكّرة التفسيرية للدستور الكويتي النور عبر بوابة مجلس الأمة عام 1962 م، وأصبحت نافذةً بعد أن تم نشرها في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) بتاريخ 12 نوفمبر 1962 م، ويمكن تلخيص مراحل وضع المذكّرة التفسيرية للدستور الكويتي على النحو الآتي:

مرحلة صياغة المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي

قامت لجنة إعداد الدستور الكويتي عام 1962 م بصياغة مواد الدستور وبصياغة مذكرته التفسيرية، وعرضها للمناقشة على أعضاء المجلس التأسيسي، وتألفت اللجنة آنذاك من (5) أعضاء هم وزير الداخلية الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، ووزير العدل حمود الزيد الخالد، والسيد عبد اللطيف محمد الثنيان الغانم، والسيد يعقوب يوسف الحميضي، والسيد سعود العبد العزيز العبد الرزاق.

مرحلة مناقشة المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي

وضعت مناقشة المذكّرة التفسيرية للدستور الكويتي على جدول أعمال المجلس التأسيسي بتاريخ 30 أكتوبر من العام 1962، حيث بدأت الجلسة بتلاوة نصوص المذكّرة التفسيرية على مسامع أعضاء المجلس الذين طلبوا إرجاء إقرار المذكّرة حتى جلسة يوم السبت 3 نوفمبر، حتى يتسنى لهم الاطلاع عليها بشكل أوضح، ومع انعقاد المجلس في التاريخ المذكور تمت مناقشة العديد من نصوص المذكّرة التفسيرية، كما تم إدخال بعض العبارات والتعديلات عليها بحضور خبراء التشريع في البلاد، وفي نهاية الجلسة تم الاتفاق على تنقيح المذكّرة ورفعها مع الدستور إلى أمير البلاد للمصادقة عليهما.

مرحلة إصدار المذكرة التفسيرية للدستور الكويت

أنهى المجلس التأسيسي تنقيح الدستور الكويتي ومذكرته الإيضاحية، ورفعها إلى أمير الكويت بتاريخ 8 نوفمبر من العام 1962 م، وبتاريخ 11 نوفمبر 1962 م صادق الأمير الشيخ عبد الله السالم الصباح آنذاك على الدستور والمذكّرة التفسيرية، وتم نشرها ضمن عدد خاص في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) لتكون نافذة الأحكام.

ما مدى إلزامية المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي

عادةً ما تكون المذكرات التفسيرية للقوانين غير ملزمة، إذ إن وضعها لا يتطلب المرور بمراحل وضع القوانين المعروفة من اقتراح ومناقشة وتصويت وإقرار، إنما تتم صياغتها بشكل مستقل عن النصوص التشريعية، غير أن المذكّرة التفسيرية للدستور الكويتي اتخذت طريقًا مختلفًا عن طرق المذكرات التفسيرية التقليدية، حيث جرت مناقشتها وإقرارها عبر بوابة مجلس الأمة الكويتي، وقد تسبب ذلك بانقسام فقهاء التشريع الكويتي بين قائل بإلزاميتها، وقائل بعدم إلزاميتها، وفيما يلي بيان لآراء وأسانيد الفريقين:

الفريق القائل بإلزامية المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي

يرى معظم فقهاء التشريع الكويتي بأن المذكّرة التفسيرية للدستور الكويتي ملزمة شأنها في ذلك شأن الدستور، ويستند الفقهاء في هذا الرأي إلى عدة أسانيد يمكن تلخيصها على النحو الآتي:

  • تشابه المراحل التي مرت فيها عملية إصدار المذكّرة التفسيرية للدستور الكويتي مراحل وضع نصوص الدستور وإقراره.
  • ورود العبارة التالية في نهاية المذكرة الإيضاحية للدستور:

“في ضوء ما سبق من تصور عام لنظام الحكم ووفقًا لهذه الإيضاحات المتفرقة في شأن بعض المواد على وجه الخصوص يكون تفسيرًا لأحكام دستور دولة الكويت”

  • التوضيح الذي تم إقراره في الأزمة الدستورية عام 1964 م حول تفسير المادة (131) من الدستور وجاء فيه:

“ليس بالإمكان وضع أي تفسير جديد للمادة (131) من الدستور عدا ما ورد بالمذكرة التفسيرية، حيث إن المذكرة التفسيرية تعتبر جزءًا مكملًا لمواد الدستور”

  • استناد الحكومة الكويتية إلى نصوص المذكرة التفسيرية حول المادة (20) من الدستور لتقديم مشروع إلى مجلس الأمة حول خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسنوات 1967 وحتى 1972 م.
  • التقرير المقدم من قبل اللجنة التشريعية خلال الأزمة الدستورية عام 1975 م، والذي استندت فيه إلى المذكّرة التفسيرية عند تفسير أحكام المادتين (98) و(104) من الدستور الكويتي.
  • اعتماد المحكمة الدستورية في الكويت على المذكّرة التفسيرية لتطبيق مواد وأحكام الدستور الكويتي.
  • استناد الحكومة الكويتية إلى نصوص المذكرة التفسيرية عند طلبها الحصول على تفويض لإصدار مراسيم لها قوة القانون في بعض الحالات الطارئة كما حصل في حرب النكسة عام 1967 م.
  • وجود شرح واضح في المذكرة التفسيرية يحدد نطاق المشاورات المتعلقة بتعيين رئيس مجلس الوزراء الواردة في المادة (56) من الدستور.
  • تحديد المذكرة الإيضاحية للحالات التي لا يمكن أن تباشر إلا بأوامر أميرية مثل ترشيح ولي العهد، وتعيين نائب الأمير، وترشيح رئيس مجلس الوزراء.

الفريق القائل بعدم إلزامية المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي

يقوم الرأي القائل بعدم إلزامية المذكرة التفسيرية على دحض حجج الطرف الأول على النحو الآتي:

  • إن القول بأن المذكرة التفسيرية قد مرت بمراحل إقرار الدستور غير مكتمل، إذ إنه لم يتم التصويت على المذكرة كما هو الحال عند إقرار الدستور.
  • إن الاستناد إلى العبارة الأخيرة الواردة في المذكرة غير مقبول، إذ لا يمكن الاستناد لإثبات صحة شيء على ما ورد ضمنه.
  • إن حجة الأزمة الدستورية عام 1964 م غير مقبولة، إذ لا مشكلة في استناد اللجنة إلى شرح وارد في المذكرة، وذلك لا يعني إلزاميتها مطلقًا.
  • إن الحجة المتعلقة بالمادة (20) ليست دليلاً على إلزامية المذكرة، إنما هي بمثابة الإعلان عن بداية نشوء عرف دستوري مكمل.
  • إن حجة الأزمة الدستورية عام 1945 م ليست دليلاً على إلزامية المذكرة، ومن الممكن الرد عليها بنفس الأسلوب الوارد في الحجة السابقة.
  • إن حجة استناد المحكمة الدستورية إلى المذكرة الإيضاحية لا تعني مطلقًا إلزاميتها، إنما يمكن للمحكمة كأي محكمة أخرى الاسترشاد بالمذكرة الإيضاحية.
  • إن حجة التفويض التشريعي هي محل نظر، إذ إن ما ورد في المذكرة التفسيرية يتعارض مع ورد صراحةً في نص المادة (50) من الدستور.
  • إن الحجة المتعلقة بالمادة (56) لا تعتبر دليلًا على إلزامية المذكرة التفسيرية، إنما يعود الإلزام في مثل هذه الحالة للعرف الدستوري المفسر.
  • إن الحجة المتعلقة بتحديد الأوامر الأميرية تستند إلى العرف الدستوري المفسر، ولا تعتبر دليلًا على إلزامية المذكرة التفسيرية للدستور.

هل المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي ملزمة

تجتمع آراء معظم فقهاء التشريع في الكويت على إلزامية المذكّرة التفسيرية للدستور الكويتي، إلا أنه من غير الممكن إهمال آراء وحجج الفريق القائل بعدم إلزاميتها والمستند على عدم وجود نص واضح يقضي بذلك مع إمكانية إصدار مثل هذا النص، وإلى حين انتهاء الجدل المثار حول الموضوع تتابع السلطات الثلاث في الكويت ممارسة مهامها في ضوء ما ورد في الدستور الكويتي مسترشدةً بتفسير النصوص الواردة في المذكّرة التفسيرية للدستور.

تحميل المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي pdf

يمكن الاطلاع على نصوص مواد الدستور الكويتي، وعلى نصوص المذكّرة التفسيرية الملحقة به من خلال تحميل هذه النصوص بصيغة pdf من خلال الضغط على الرابط التالي:

  • تحميل الدستور والمذكّرة التفسيرية للدستور الكويتي pdf:من هنا“.

وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا الذي تطرقنا فيه إلى موضوع ما هي المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي وما مدى إلزاميتها حيث تم استعراض مراحل إصدار هذه المذكرة، مرورًا بعرض حجج وأسانيد كلًا من الأطراف القائلة بإلزامية هذه المذكرة والأطراف القائلة بعدم إلزاميتها.