الإقراض الرقمي: الدور الحاسم لتقنية المعلومات في تحول الإقراض

الإقراض الرقمي: الدور الحاسم لتقنية المعلومات في تحول الإقراض

في عالمنا اليوم الذي يتسم بالتحول الرقمي السريع، أصبح الإقراض الآلي أحد العوامل الرئيسية في تحول صناعة الإقراض. حيث يتيح لنا الاعتماد على تقنيات المعلومات فتح أفاق جديدة للمؤسسات المالية لتحسين عملياتها وخدماتها. 

ويعد الإقراض الآلي، الذي يعتمد بشكل كبير على تقنيات المعلومات، جزءًا لا يتجزأ من هذا التحول، حيث يسهم في تبسيط العمليات وتحسين كفاءة الإقراض وتقديم تجارب أفضل للعملاء. وفي هذا السياق، يأتي دور تكنولوجيا المعلومات ليس فقط كوسيلة لتسهيل العمليات، بل كعنصر حيوي في تحويل صناعة الإقراض بأكملها.

ما هي مؤسسة الإقراض الرقمي؟

مؤسسة الإقراض الرقمي هي جهة أو منظمة تقدم خدمات الإقراض بشكل رئيسي عبر الإنترنت أو من خلال تطبيقات الهواتف المحمولة. تتميز هذه المؤسسات بأنها ليست لديها فروع فعلية ولا تتطلب الزيارة الشخصية لتقديم الطلبات أو إجراء المعاملات. بدلاً من ذلك، يمكن للعملاء الوصول إلى خدماتها عبر الإنترنت بسهولة وسرعة، مما يجعل عملية التقديم للقروض وإدارتها أكثر ملاءمة وراحة. 

حيث تعتمد مؤسسات الإقراض الرقمي على التكنولوجيا لتوفير عملية قرض أسرع وأكثر فعالية، بما في ذلك التقييم الآلي للائتمان ومعالجة الطلبات بشكل فوري، مما يسهل على العملاء الحصول على القروض بسرعة وبشكل أسهل.

بعض الإحصائيات عن الإقراض الرقمي

من المتوقع أن يشهد سوق الإقراض الرقمي نموًا ملحوظًا في الفترة المقبلة، حيث من المتوقع أن يزداد حجمه من 405.11 مليار دولار أمريكي في عام 2023 إلى 710.76 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 11.90٪. يعزى هذا النمو جزئيًا إلى الجائحة العالمية لفيروس كورونا (Covid-19)، حيث واجهت الشركات الصغيرة والمتوسطة تحديات في جمع الأموال للحفاظ على استمرارية أعمالها، مما أدى إلى زيادة الطلب على خدمات الإقراض الرقمي، خاصة بين هذه الشركات. 

وتشير توقعات الخدمات المصرفية العالمية لإرنست ويونغ إلى أن 63٪ من الشركات الصغيرة والمتوسطة لا تزال تفضل البنوك التقليدية، في حين يستخدم 56٪ خدمات التكنولوجيا المالية، وذلك بسبب زيادة مقدمي الخدمات التكنولوجيا المالية. بالإضافة إلى ذلك، أدى انتشار التكنولوجيا وخاصة الهواتف الذكية إلى زيادة اعتماد الخدمات المصرفية الرقمية، واستخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في تحسين العمليات المصرفية وتجربة العملاء. شركات الإقراض الرقمي مثل Aire و Kabbage و Kasisto تستثمر بشكل كبير في الذكاء الاصطناعي، حيث يسمح لهم بتقييم مخاطر الإقراض وتقديم القروض بسرعة وفعالية أكبر، مما يزيد من جاذبية خدماتهم للمستهلكين.

يشير استطلاع أحدث لاتجاهات المستهلكين من شركة Fiserv، Inc. الرائدة عالميًا في حلول تكنولوجيا الخدمات المالية، إلى زيادة في عدد المشترين المحتملين للقروض الذين يفضلون التفاعل الرقمي. 

وتشير النتائج إلى أن ما يقرب من ثلثي الأشخاص الذين تقدموا بطلبات للحصول على قروض في العامين الماضيين يقومون الآن بذلك جزئيًا أو كليًا عبر الإنترنت، وهو ما يمثل زيادة كبيرة عن العام الماضي. ويرجع جزء أساسي من هذا النمو إلى استخدام متزايد للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. كما بدأت الشركات الناشئة في مجال الإقراض الرقمي في تقديم قروض للتعليم والتدريب المهني، وتوسيع تركيزها على القروض الشخصية والاستهلاكية.

حيث يواجه جيل الألفية، الذي ليس لديه تاريخ ائتماني، تحديات في الحصول على القروض التقليدية، وهو ما يدفعهم إلى الاستجابة للقروض الرقمية والتفاعل معها من خلال الأجهزة المحمولة.

دور تكنولوجيا المعلومات في مؤسسة الإقراض

تكنولوجيا المعلومات تلعب دوراً حاسماً في تحول وتطوير مؤسسات الإقراض، حيث تمكنها من تقديم خدمات أكثر كفاءة وسرعة، وتحسين تجارب العملاء، وتعزيز إدارة المخاطر، وتحقيق الامتثال للتشريعات واللوائح المالية.

الطلب ومعالجة القروض الرقمية

عملية الطلب ومعالجة القروض الرقمية تعتمد بشكل كبير على تكنولوجيا المعلومات، حيث يتم تقديم الطلبات ومعالجتها بشكل إلكتروني عبر منصات الإنترنت أو تطبيقات الهواتف المحمولة.

حيث يستخدم العملاء الخدمات الرقمية لتقديم المستندات والمعلومات المطلوبة بسهولة، ويتم معالجة الطلبات بشكل آلي وفوري باستخدام تقنيات التحليل الآلي للائتمان والمعلومات المالية. 

ويتيح هذا النهج الرقمي للعملاء الحصول على القروض بسرعة وبشكل مريح، مما يسهل عملية الاقتراض بشكل كبير وتحسن تجربة العملاء.

تقييم الائتمان وتقييم المخاطر التلقائي

تقييم الائتمان وتقييم المخاطر التلقائي يعتمدان على تكنولوجيا المعلومات لتحليل البيانات بشكل فعال وفوري. حيث يتم استخدام البيانات المالية والشخصية للمقترضين، بالإضافة إلى بيانات خارجية مثل سجلات الائتمان والتاريخ المالي، لتقديم تقييم دقيق للائتمان وتحديد مستوى المخاطر المحتملة. 

ويتم ذلك باستخدام خوارزميات التحليل الآلي وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي تتيح تحليل كميات كبيرة من البيانات بسرعة وبدقة عالية، مما يسمح باتخاذ قرارات سريعة وموثوقة فيما يتعلق بمنح القروض وتقييم المخاطر. وهذا النهج يساعد في تقديم القروض بسرعة وكفاءة، مع الحفاظ على مستويات المخاطر المناسبة للمؤسسة الإقراضية.

منصات الإصدار الرقمية للقروض

منصات الإصدار الرقمية للقروض هي عبارة عن تطبيقات أو مواقع إلكترونية تسمح للمقترضين بتقديم طلبات قروض وإجراءات الاقتراض بشكل كامل عبر الإنترنت. وتتضمن هذه المنصات تقديم الطلبات، وتحميل المستندات اللازمة، وتقييم الائتمان والمخاطر، وتوقيع العقود، وإجراءات الدفع، وكل هذا يتم بشكل إلكتروني وآلي. 

حيث تعتمد منصات الإصدار الرقمية للقروض على تكنولوجيا المعلومات والتحليل الآلي لتسهيل وتسريع عمليات الاقتراض، مما يجعلها أكثر ملاءمة وفعالية للمقترضين والمؤسسات الإقراضية على حد سواء.

منصات الإقراض بين الأفراد (من نظير إلى نظير)

منصات الإقراض بين الأفراد هي عبارة عن منصات عبر الإنترنت تسمح للأفراد بالقرض والاقتراض المباشر بينهم دون الحاجة إلى مؤسسات مالية تقليدية. حيث تعمل هذه المنصات على ربط المقترضين والمقرضين عبر منصة إلكترونية توفر آليات لتقديم الطلبات للقروض ومعالجتها، وتقديم العروض والموافقات عليها، وتنفيذ الصفقات وإجراءات الدفع.

حيث يتم تنظيم وسائل الدفع والتحصيل والعقود وغيرها من العمليات عبر هذه المنصات بشكل آمن وموثوق به. وتقدم منصات الإقراض بين الأفراد فرصًا للأفراد للحصول على التمويل الشخصي بشكل سريع ومرن، وكذلك توفير فرص للمستثمرين للاستثمار وتحقيق عوائد على القروض التي يمنحونها.

عمليات الاكتتاب الآلي

عمليات الاكتتاب الآلي تلعب دوراً مهماً في تيسير وتسريع عمليات منح القروض وتحسين الكفاءة والدقة في اتخاذ القرارات المالية. حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلم الآلي لتحليل بيانات المقترضين وتقديم التوصيات بشأن مستوى المخاطر وشروط القرض ومعدلات الفائدة بناءً على معايير محددة مسبقاً.  وهذا يساعد في توفير تجربة تقديم القروض بشكل أسرع وأكثر ملاءمة للمقترضين، كما يقلل من احتمالات الخطأ البشري ويحسن جودة القرارات المالية.

علاوة على ذلك، تساعد عمليات الاكتتاب الآلي في تحسين عمليات التسويق وجذب المقترضين المحتملين من خلال تحليل سلوكياتهم واحتياجاتهم المالية. ويمكن أن تعتمد الشركات المالية على نتائج هذه التحليلات لتحسين استراتيجيات التسويق والترويج للمنتجات والخدمات المالية.

بشكل عام، تساهم عمليات الاكتتاب الآلي في تحسين كفاءة وفعالية عمليات منح القروض وتقديم الخدمات المالية الرقمية، مما يساهم في تعزيز نمو وتطور صناعة الإقراض الرقمي.

أنظمة كشف الاحتيال ومنعه

أنظمة كشف الاحتيال ومنعه هي نظم تقنية تستخدم في صناعة الاقتراض الرقمي للكشف عن الأنشطة غير المشروعة أو الاحتيالية ومنعها قبل وقوعها. وتعتمد هذه الأنظمة على تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي لتحديد أنماط السلوك غير المألوفة أو الشبيهة بأنماط الاحتيال المعروفة.

ويتم استخدام مجموعة متنوعة من التقنيات في أنظمة كشف الاحتيال ومنعه، بما في ذلك:

  1. تحليل البيانات الضخمة: يتم تحليل البيانات الكبيرة والمعقدة لتحديد الأنماط غير العادية أو الاحتمالات العالية للإحتيال.
  2. الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة: يتم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتحليل البيانات بشكل آلي وتعلم الأنماط الغير مألوفة لتحديد الاحتمالات العالية للاحتيال.
  3. البيانات السلوكية: يتم مراقبة سلوك المستخدمين عبر المواقع الإلكترونية وتحليله لتحديد أنماط غير طبيعية قد تشير إلى محاولات احتيالية.
  4. التحقق الثنائي والتحقق من الهوية: يتم استخدام أنظمة التحقق من الهوية المتقدمة للتحقق من هوية المستخدمين وضمان أن المعاملات تتم بواسطة أصحاب الحقيقيين.

باستخدام هذه التقنيات، يمكن لأنظمة كشف الاحتيال ومنعه تحديد ومنع الأنشطة الاحتيالية بشكل فعال، مما يساهم في حماية البيانات والمعاملات المالية للمستخدمين والمؤسسات الإقراضية على حد سواء.

طلبات قروض الهاتف المحمول

طلبات القروض عبر الهاتف المحمول تعد أحد الابتكارات الرئيسية التي تسهم في تيسير وتسريع عمليات القرض. يعزز استخدام الهواتف المحمولة هذه العمليات بالطرق التالية:

1.سهولة الوصول: يمكن للمستخدمين تقديم طلبات القروض في أي وقت ومن أي مكان، دون الحاجة إلى الذهاب إلى الفرع البنكي، مما يوفر لهم راحة وملاءمة.

  1. سرعة المعالجة: تُعالج طلبات القروض عبر الهاتف المحمول بشكل فوري و في وقت قصير، حيث يتم تقديم الوثائق والبيانات بشكل إلكتروني مباشرة.
  2. تحسين التجربة العملاء: توفر عمليات القرض عبر الهاتف المحمول تجربة عملاء ملائمة وسهلة الاستخدام، مع واجهات مستخدم سهلة ومرنة.
  3. الأمان والخصوصية: تتيح تقنيات التشفير والتحقق الثنائي عبر الهواتف المحمولة ضمان سرية وأمان المعلومات الشخصية والمالية للمستخدمين.
  4. التوفير في التكاليف: بفضل العمليات الرقمية، يمكن لمقدمي القروض تقليل التكاليف التشغيلية وبالتالي تقديم أسعار فائدة ورسوم تنافسية للمقترضين.

بشكل عام، تلعب طلبات القروض عبر الهواتف المحمولة دورًا مهمًا في تطوير صناعة الاقتراض الرقمي، حيث تجمع بين الراحة والفعالية والأمان لتلبية احتياجات المستخدمين بشكل أفضل.

تحليلات البيانات لاتخاذ القرار الائتماني

تعتبر تحليلات البيانات أحد أدوات اتخاذ القرار الرئيسية في صناعة الاقتراض الرقمي. وبفضل تحليلات البيانات، يتم جمع وتحليل مجموعة واسعة من المعلومات المالية والشخصية لكل مقترض محتمل، مثل الدخل، وتاريخ الائتمان، والالتزامات المالية الأخرى. حيث يتم استخدام هذه البيانات لتقدير قدرة المقترض على سداد القرض وتحديد مستوى المخاطر المرتبطة بالطلب.

وباستخدام تقنيات تحليل البيانات المتقدمة، يمكن تحليل البيانات بدقة عالية لتحديد الاتجاهات والأنماط المختلفة التي قد تؤثر على قدرة المقترض على سداد القرض. على سبيل المثال، يمكن استخدام النماذج الإحصائية والذكاء الاصطناعي للتنبؤ بسلوك المقترض واحتمالية سداد القرض، مما يسهل عملية اتخاذ القرار الائتماني.

تعتبر تحليلات البيانات أداة قيمة تساعد مقدمي القروض الرقمية على تقديم قروض أكثر تنافسية وفعالية، مما يسهم في تلبية احتياجات المقترضين بشكل أفضل وتحقيق الأهداف التجارية للشركات المالية.

حلول الامتثال التنظيمي

حلول الامتثال التنظيمي تعتبر أساسية في مجال الاقتراض الرقمي، حيث تهدف إلى ضمان توافق جميع العمليات والتعاملات مع اللوائح والتشريعات المحلية والدولية. حيث تتضمن هذه الحلول تطبيقات متعددة تشمل التحقق من الهوية ومكافحة غسيل الأموال، حيث يتم التأكد من هوية المقترض وصحة معلوماته، بالإضافة إلى تتبع ومنع الأنشطة غير المشروعة. كما تشمل الحلول أيضاً الامتثال لقوانين الخصوصية وحماية البيانات الشخصية للعملاء والمقترضين، مما يضمن سلامة وسرية المعلومات.

Blockchain للمعاملات الآمنة

تُعتبر تقنية بلوك تشين حلاً مبتكراً لتحقيق المعاملات الآمنة في مجال الاقتراض الرقمي. وتعتمد هذه التقنية على إنشاء سلسلة من البلوكات المتصلة ببعضها البعض، والتي تحتوي على معلومات المعاملات بشكل مشفر وآمن. 

ويتيح هذا النهج البنية التحتية اللامركزية للمعاملات، مما يجعلها آمنة وشفافة. كما تُمكن تقنية بلوك تشين من توفير سرعة وكفاءة في المعاملات، والتحقق من صحتها بشكل مستمر، وتسجيلها بشكل دائم وغير قابل للتزوير. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن استخدام بلوك تشين لتوفير آليات تحكم للسماح بالوصول للأطراف المخولة فقط، مما يزيد من مستوى الأمان والحماية. وبهذه الطريقة، تُعد تقنية بلوك تشين حلاً مثاليًا لتعزيز الثقة والشفافية في مجال الاقتراض الرقمي.

خلاصة:

في الختام، يظهر الاقتراض الرقمي وتبني تكنولوجيا المعلومات دورًا حاسمًا في تحول صناعة الاقتراض. من خلال الاستفادة من التطورات التكنولوجية مثل التحليلات البيانية، وتقنية بلوك تشين، والذكاء الاصطناعي. حيث يمكن لمقدمي الخدمات المالية تقديم حلول مبتكرة وآمنة للعملاء. ومع تزايد الطلب على الاقتراض الرقمي وتوجه المستهلكين نحو التكنولوجيا، فإن تبني الحلول الرقمية يعزز من فرص النمو والتنافسية للمؤسسات المالية. بالتالي، يُشكّل الاقتراض الرقمي واحدًا من العوامل الرئيسية في تحقيق التحول الشامل في قطاع الخدمات المالية وتلبية احتياجات المستهلكين في عصر التكنولوجيا الرقمية.